لم تعد لدينا مشكلة في التعامل مع الفاسدين لأننا أصبحنا نخافهم, والفاسد نفسه لم يعد يخجل من فساده لأن القيم تبدلت, والثوابت لم تعد تلك التي تربينا عليها من خير وشر ولم يعد العيب سابقا عيبا اليوم, في الماضي كان المرتشي يمشي في الحارات مطأطئاً رأسه, يخشى أن يعلم أحد جيرانه أنه ارتشى, وأن في جيبه قرش حرام, أما اليوم فهو نفسه يتفاخر بمكتسباته ومعارفه وماله الحرام, ولم يعد الفاسد يخشى الناس بل انتقل الخوف الينا, أصبحنا نحن من نخاف الفاسدين, لإدراكنا أن الفاسد باعه طويلة, وله نفوذ كبير مهما بلغت درجة فساده أو نوعه, ويستطيع الوصول الى مسؤول والتأثير فيه, لأنه متقن لعمليات التزلف ومسح الجوخ, أما فيما يخص المعاملات الرسمية فنحن من نبحث عن الموظف الفاسد ولا نتحاشاه, ونفضله على الموظف الشريف لأن التعامل مع الموظف الفاسد سيكون أسهل من التعامل مع الموظف الشريف, لأن الفاسد سيسهل علينا أي معاملة مهما كانت درجة تعقيدها, ويسرعها, وهنا أؤكد أن المعاملة التي تكون بين أيدينا هي قانونية مئة بالمئة, ولكن سرعة إنجازها هو الغاية, أو فيما يتعلق بالخدمات فنحن نسعى خلف موظف الهاتف الفاسد وموظف البريد الفاسد وموظف الجباية الفاسد لأن هذا سيلبي طلباتنا بسرعة ودون روتين, اذ يستطيع أن يقدم الخدمات الى المنزل برشوة بسيطة أو اكرامية كما يسميها دون انتظار الدور , وشرطي المرور الذي يقبل اكراميته اسهل من آخر يصر على تطبيق القانون وهم اصلا نادرون, وهناك موظفون لا يرتشون ولكنهم يقبلون الهدية وهذه الهدية قيمتها بحسب قيمة مركز هذا الموظف, فهناك ثقافة عامة وهي الثقافة الاكثر انتشارا بين الناس وهي ثقافة تقبل الفساد.
منقول عن ناقل عن كاتبته المهندسة رضوى الناعمة
منقول عن ناقل عن كاتبته المهندسة رضوى الناعمة