fqallaf
بـترولـي نشيط
النجاح سلم لا تستطيع
تسلقه ويداك في جيبك
مهيوب خضر
مجلة عالم الإبداع
النجاح سلم لا تستطيع تسلقه ويداك في جيبك مقولة قديمة حديثة تحمل بين طياتها أحد أهم معايير النجاح التي تعرف عليها البشر عبر التاريخ وهو معيار الحركة وبذل الجهد الموجه من خلال أهداف مثمرة وليس مجرد أماني لا تسمن ولا تغني من جوع.
هذه النظرية في النجاح والتي هي سنة كونية ضاربة جذورها في أعماق الأرض أهداها الله عز وجل لعباده المؤمنين في سورة مريم في قوله تعالى: "وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا" فمن سلك طريق النجاح وصل وحصل على الثمر ولكن ليس قبل أن يقدم عصارة جهده وفكره في سبيل تجاوز عقبات هذا الطريق الذي هو أشبه بسباق الحواجز.
كثيرون هم من يخلطون بين الأماني والأهداف خلطاً يضيع الوقت والجهد في غير فائدة أو إنجاز وتمر الأيام والسنون على أناس يحملون أفكاراً في أذهانهم يتعجبون في نهاية العمر عن أسباب عدم تحققها على أرض الواقع والجواب أن هذه الأفكار والخواطر كانت مجرد أماني لم ترق بحال يوما إلى مستوى الأهداف.
فالأهداف والأماني نقيضان لا يلتقيان فبينما تبقى الأماني عالقة في الذهن تراوح مكانها تجعل الأهداف لحياة الفرد معنى ولوقته قيمة عندما تتحول إلى خطط ووسائل لتحقيقها على الأرض بما ينفض الغبار عن كاهل صاحبها من خلال حركة دؤوبة موجهة تحمل بين طياتها مقدارا من الطاقة ما يكفي لتجاوز عثرات عدة وإن كانت جسام فالحذر الحذر مما نبه إليه الشاعر عندما قال:
ولا تكن عبد المنى فالمنى رؤوس أموال المفاليس
إن من يتعب نفسه بالركض خلف أمانيه طلبا لما يعتقد أنه نجاح وسيراً إلى الأمام لا يختلف كثيرا عمن يريد الانتقال من مكان إلى آخر ويقف في مكان لا تمر به حافلات النقل العام أصلاً، أو كما قال الدكتور روبرت أنتوني في كتابه ما وراء التفكير الإيجابي "نحن نتمنى أن ينقذنا أو يهتم بنا أو يغير حياتنا أو يسعدنا أو يحقق أهدافنا شخص ما؛ نحن نأمل وننتظر ولكن هذا الشخص لا يظهر أبدا".
إن لنا في هوندا مثلا يحتذى فهذا الياباني الذي أصبح في عالمنا اليوم أشهر من نار على علم لم يصل إلى ما وصل لمجرد أنه كان يحمل أمنية تصنيع محرك سيارة أو إنتاج سيارة ذات مواصفات عالمية وإنما كان الأمر بالنسبة له هدفا واضحا كافح كثيرا لتحقيقه أمام سنوات من العذاب.
فبعد عامين من العمل المتواصل على تطوير محرك أراد هوندا أن يبيعه لشركة تويوتا باءت المحاولة بالفشل رغم أنها كلفته مبيتا لأيام طويلة في ورشة المنزل فضلا عن ذهب زوجته الذي رهنه هوندا لتحقيق هدفه وعقب فشل متواصل تعرض هوندا لموجة من السخرية من زملائه في المدرسة حيث كان طالبا وذلك في عام 1938 إلا أنه استمر في المحاولة ونجح في الحصول على امتياز من شركة تويوتا بعد عدة سنوات من الحركة الموجهة على طريق تحقيق الهدف.
مضى هوندا في طريقه ولم يتوقف لحظة واحدة وذلك رغم أن مصنعه قصف مرتين في الحرب العالمية من قبل القوات الأمريكية فضلا عن زلزال دمر مصنعه بأكمله ذات يوم فنهض وعاود الكرة, وكما يقولون رب ضارة نافعة فقد حول هوندا كارثة الحرب إلى إنجاز على صعيد تحقيق أهدافه عبر استخدام بقايا علب البنزين الحديدية التي كانت تستخدمها الطائرات الأمريكية المقاتلة وأطلق عليها هوندا اسم هدايا الرئيس الأمريكي ترومان حيث أن هذه العلب وفرت لهوندا المواد الأولية للتصنيع حيث يقل وجود الحديد في اليابان.
واليوم تعتبر شركة هوندا ثاني أكبر شركة لإنتاج السيارات في العالم بعد شركة تويوتا إنها بالفعل قصة نجاح بنيت على أهداف تحرك هوندا لتحقيقها على الأرض بكل ما وهبه الله من قدرات وإمكانيات.
خبير التنمية البشرية الأمريكي أنتوني روبنز لم يسيطر على مشاعره عندما مر بطائرته الخاصة فوق بناية تقع في مدينة جلينديل حيث كان متجها لإلقاء محاضرة في لوس أنجلس وبدأ يحوم حول هذه البناية ويتذكر أنه قبل اثنى عشر عاما فقط كان يعمل بوابا في هذه البناية وهو اليوم درب أكثر من ربع مليون شخص أغلبهم من قيادات الكونكرس وأصحاب الشركات ورجال الأعمال الكبار وغيرهم.
إن روبنز يعزي إنجازه هذا إلى إماطته الغبار عن أحلامه التي لم يسمح لمشاكل الحياة أن تدفنها تحت التراب محولا إياها إلى أهداف وضعها حيز التنفيذ فكان له ما كان.
تحويل الأحلام والأماني إلى أهداف تتحرك على الأرض وتركيز الجهد والطاقة البشرية نحو تنفيذها سيوصلنا إلى حالة أشبه بشعاع الليزر المركز الذي يستطيع اختراق كل شيء أمامه.
"إن المثابر يؤمن بالقدر أما الهوائي فيؤمن بالحظ" مقولة تستحق الوقوف عندها ملياً لاسيما مع ما نراه اليوم من رواج لبرامج القنوات الفضائية المبنية على الحظ والربح السريع وهو السراب الذي يركض خلفه الآلاف من الشباب الذين سرعان ما يصطدم معظمهم بالواقع بعد خسارة مال وجهد وضع في غير محله بسبب قناعات مغلوطة أو أهداف مشوهة.
وعلى أعتاب هذه المرحلة يقول روبرت أنتوني "وفي جهد من أجل إعادة أنفسنا إلى نهر الحياة المتدفق كثيرا ما نضع أهدافا متعجلة وغير محددة بشكل جيد ومعظم هذه الأهداف المزعومة لا يتم كتابتها ولكن كل ما هنالك أنها تهيم في عقولنا كأفكار غامضة إن كل ما نحتاج إليه هو أن نؤمن بهدفنا إيمانا أكيدا وسوف تتهيأ لنا جميع الظروف من أجل تحققه, إذن فقبول الهدف والإيمان بتحققه ينقلانه من عالم الخيال إلى أرض الواقع".
إنه من المهم أن ندرك أن التاريخ لم يسطر يوما أسماء أولئك الذي عاشوا يتنقلون بين الحظوظ والأماني ويسرفون في إضاعة أوقاتهم في غير فائدة فإن كنت ترغب في العثور على مساحة لاسمك بين أسماء الجهابذة والعظماء فلا مفر من أن تسلك طريقهم في إطار نظرية بذل الجهد الموجه.
عمر بن عبد العزيز هذا الرجل الذي صنع معجزة إدارية بإقامة دولة العدل والحقوق على أصولها بعد فترة من الاضطراب في أقل من عامين ونصف العام هي مدة خلافته لم يكن ذلك محض صدفة وبدون أي تكلفة فبعد توليه خلافة المسلمين اعترض عليه بعض أصدقائه القدامى يودون أن تكون لهم معه جلسة يعيدون فيها الذكريات فيقولون لو تفرغت لنا فيقول "وأين الفراغ فلا فراغ إلا عند الله".
كم من مسلم يحمل أمنية حفظ القرآن الكريم غيباً إنهم آلاف لا بل ملايين بقوا يتغنون بهذه الأمنية ولكن كم واحدا منهم جعل من حفظ القرآن الكريم هدفاً وراح يخطط له ويقسم أجزاءه ضمن إطار زمني معين ويختار لحفظه الأوقات المناسبة ثم يباشر عملية الحفظ إنهم ولا شك قليلون.
الفارق الأساسي بين الأمنية والهدف هو أن الأمنية أشبه بالحلم ولكن الهدف أمل تتبعه إرادة قوية تعمل على تحقيقه وتناضل من أجله وإن الاختيار الأمثل للهدف يساعد الإنسان على تحقيقه إذا ما كان واضحاً وبسيطاً وقابلاً للقياس وما بين الأهداف والأماني يختار الرجال الأهداف ويحبو الضعفاء نحو الأماني هروباً من المسؤولية وخلوداً إلى الراحة والدعة التي لا تأتي بخير.
تسلقه ويداك في جيبك
مهيوب خضر
مجلة عالم الإبداع
النجاح سلم لا تستطيع تسلقه ويداك في جيبك مقولة قديمة حديثة تحمل بين طياتها أحد أهم معايير النجاح التي تعرف عليها البشر عبر التاريخ وهو معيار الحركة وبذل الجهد الموجه من خلال أهداف مثمرة وليس مجرد أماني لا تسمن ولا تغني من جوع.
هذه النظرية في النجاح والتي هي سنة كونية ضاربة جذورها في أعماق الأرض أهداها الله عز وجل لعباده المؤمنين في سورة مريم في قوله تعالى: "وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا" فمن سلك طريق النجاح وصل وحصل على الثمر ولكن ليس قبل أن يقدم عصارة جهده وفكره في سبيل تجاوز عقبات هذا الطريق الذي هو أشبه بسباق الحواجز.
كثيرون هم من يخلطون بين الأماني والأهداف خلطاً يضيع الوقت والجهد في غير فائدة أو إنجاز وتمر الأيام والسنون على أناس يحملون أفكاراً في أذهانهم يتعجبون في نهاية العمر عن أسباب عدم تحققها على أرض الواقع والجواب أن هذه الأفكار والخواطر كانت مجرد أماني لم ترق بحال يوما إلى مستوى الأهداف.
فالأهداف والأماني نقيضان لا يلتقيان فبينما تبقى الأماني عالقة في الذهن تراوح مكانها تجعل الأهداف لحياة الفرد معنى ولوقته قيمة عندما تتحول إلى خطط ووسائل لتحقيقها على الأرض بما ينفض الغبار عن كاهل صاحبها من خلال حركة دؤوبة موجهة تحمل بين طياتها مقدارا من الطاقة ما يكفي لتجاوز عثرات عدة وإن كانت جسام فالحذر الحذر مما نبه إليه الشاعر عندما قال:
ولا تكن عبد المنى فالمنى رؤوس أموال المفاليس
إن من يتعب نفسه بالركض خلف أمانيه طلبا لما يعتقد أنه نجاح وسيراً إلى الأمام لا يختلف كثيرا عمن يريد الانتقال من مكان إلى آخر ويقف في مكان لا تمر به حافلات النقل العام أصلاً، أو كما قال الدكتور روبرت أنتوني في كتابه ما وراء التفكير الإيجابي "نحن نتمنى أن ينقذنا أو يهتم بنا أو يغير حياتنا أو يسعدنا أو يحقق أهدافنا شخص ما؛ نحن نأمل وننتظر ولكن هذا الشخص لا يظهر أبدا".
إن لنا في هوندا مثلا يحتذى فهذا الياباني الذي أصبح في عالمنا اليوم أشهر من نار على علم لم يصل إلى ما وصل لمجرد أنه كان يحمل أمنية تصنيع محرك سيارة أو إنتاج سيارة ذات مواصفات عالمية وإنما كان الأمر بالنسبة له هدفا واضحا كافح كثيرا لتحقيقه أمام سنوات من العذاب.
فبعد عامين من العمل المتواصل على تطوير محرك أراد هوندا أن يبيعه لشركة تويوتا باءت المحاولة بالفشل رغم أنها كلفته مبيتا لأيام طويلة في ورشة المنزل فضلا عن ذهب زوجته الذي رهنه هوندا لتحقيق هدفه وعقب فشل متواصل تعرض هوندا لموجة من السخرية من زملائه في المدرسة حيث كان طالبا وذلك في عام 1938 إلا أنه استمر في المحاولة ونجح في الحصول على امتياز من شركة تويوتا بعد عدة سنوات من الحركة الموجهة على طريق تحقيق الهدف.
مضى هوندا في طريقه ولم يتوقف لحظة واحدة وذلك رغم أن مصنعه قصف مرتين في الحرب العالمية من قبل القوات الأمريكية فضلا عن زلزال دمر مصنعه بأكمله ذات يوم فنهض وعاود الكرة, وكما يقولون رب ضارة نافعة فقد حول هوندا كارثة الحرب إلى إنجاز على صعيد تحقيق أهدافه عبر استخدام بقايا علب البنزين الحديدية التي كانت تستخدمها الطائرات الأمريكية المقاتلة وأطلق عليها هوندا اسم هدايا الرئيس الأمريكي ترومان حيث أن هذه العلب وفرت لهوندا المواد الأولية للتصنيع حيث يقل وجود الحديد في اليابان.
واليوم تعتبر شركة هوندا ثاني أكبر شركة لإنتاج السيارات في العالم بعد شركة تويوتا إنها بالفعل قصة نجاح بنيت على أهداف تحرك هوندا لتحقيقها على الأرض بكل ما وهبه الله من قدرات وإمكانيات.
خبير التنمية البشرية الأمريكي أنتوني روبنز لم يسيطر على مشاعره عندما مر بطائرته الخاصة فوق بناية تقع في مدينة جلينديل حيث كان متجها لإلقاء محاضرة في لوس أنجلس وبدأ يحوم حول هذه البناية ويتذكر أنه قبل اثنى عشر عاما فقط كان يعمل بوابا في هذه البناية وهو اليوم درب أكثر من ربع مليون شخص أغلبهم من قيادات الكونكرس وأصحاب الشركات ورجال الأعمال الكبار وغيرهم.
إن روبنز يعزي إنجازه هذا إلى إماطته الغبار عن أحلامه التي لم يسمح لمشاكل الحياة أن تدفنها تحت التراب محولا إياها إلى أهداف وضعها حيز التنفيذ فكان له ما كان.
تحويل الأحلام والأماني إلى أهداف تتحرك على الأرض وتركيز الجهد والطاقة البشرية نحو تنفيذها سيوصلنا إلى حالة أشبه بشعاع الليزر المركز الذي يستطيع اختراق كل شيء أمامه.
"إن المثابر يؤمن بالقدر أما الهوائي فيؤمن بالحظ" مقولة تستحق الوقوف عندها ملياً لاسيما مع ما نراه اليوم من رواج لبرامج القنوات الفضائية المبنية على الحظ والربح السريع وهو السراب الذي يركض خلفه الآلاف من الشباب الذين سرعان ما يصطدم معظمهم بالواقع بعد خسارة مال وجهد وضع في غير محله بسبب قناعات مغلوطة أو أهداف مشوهة.
وعلى أعتاب هذه المرحلة يقول روبرت أنتوني "وفي جهد من أجل إعادة أنفسنا إلى نهر الحياة المتدفق كثيرا ما نضع أهدافا متعجلة وغير محددة بشكل جيد ومعظم هذه الأهداف المزعومة لا يتم كتابتها ولكن كل ما هنالك أنها تهيم في عقولنا كأفكار غامضة إن كل ما نحتاج إليه هو أن نؤمن بهدفنا إيمانا أكيدا وسوف تتهيأ لنا جميع الظروف من أجل تحققه, إذن فقبول الهدف والإيمان بتحققه ينقلانه من عالم الخيال إلى أرض الواقع".
إنه من المهم أن ندرك أن التاريخ لم يسطر يوما أسماء أولئك الذي عاشوا يتنقلون بين الحظوظ والأماني ويسرفون في إضاعة أوقاتهم في غير فائدة فإن كنت ترغب في العثور على مساحة لاسمك بين أسماء الجهابذة والعظماء فلا مفر من أن تسلك طريقهم في إطار نظرية بذل الجهد الموجه.
عمر بن عبد العزيز هذا الرجل الذي صنع معجزة إدارية بإقامة دولة العدل والحقوق على أصولها بعد فترة من الاضطراب في أقل من عامين ونصف العام هي مدة خلافته لم يكن ذلك محض صدفة وبدون أي تكلفة فبعد توليه خلافة المسلمين اعترض عليه بعض أصدقائه القدامى يودون أن تكون لهم معه جلسة يعيدون فيها الذكريات فيقولون لو تفرغت لنا فيقول "وأين الفراغ فلا فراغ إلا عند الله".
كم من مسلم يحمل أمنية حفظ القرآن الكريم غيباً إنهم آلاف لا بل ملايين بقوا يتغنون بهذه الأمنية ولكن كم واحدا منهم جعل من حفظ القرآن الكريم هدفاً وراح يخطط له ويقسم أجزاءه ضمن إطار زمني معين ويختار لحفظه الأوقات المناسبة ثم يباشر عملية الحفظ إنهم ولا شك قليلون.
الفارق الأساسي بين الأمنية والهدف هو أن الأمنية أشبه بالحلم ولكن الهدف أمل تتبعه إرادة قوية تعمل على تحقيقه وتناضل من أجله وإن الاختيار الأمثل للهدف يساعد الإنسان على تحقيقه إذا ما كان واضحاً وبسيطاً وقابلاً للقياس وما بين الأهداف والأماني يختار الرجال الأهداف ويحبو الضعفاء نحو الأماني هروباً من المسؤولية وخلوداً إلى الراحة والدعة التي لا تأتي بخير.